مجلة المحيط الفلاحي

محاربة التصحر معركة طويلة النفس

يتفاقم التصحر ويواصل زحفه في مختلف المناطق، لكنه ليس قدرا محتوما، فمواجهة هذه الظاهرة الطبيعية المرتبطة أيضا بالأنشطة البشرية يتطلب مسلسلا معقدا ومعركة طويلة النفس.

وإن كان ظاهرة طبيعية فإن التصحر يساهم بدوره في تفاقم مشكل التغيرات المناخية وزحف الرمال على الأراضي الخصبة والغابات، يزيد في تفاقمها قلة التساقطات المطرية ونضوب الفرشات المائية.

وفي حال لم تبذل جهود لوقف هذه الظاهرة فإن مشاكل الأمن الغذائي ستزداد بحدة بالخصوص في بلدان الجنوب التي تفتقد للموارد وتعاني من مشاكل جمة ستزداد بدورها تعقيدا كالفقر والهجرة وتنقل السكان بحثا عن أراضي صالحة، في وقت ستتزايد فيه ساكنة المعمور بملياري نسمة في العام 2050.

ويعاني المغرب بشدة من ظاهرة التصحر التي تأتي سنويا على المزيد من الأراضي خصوصا مع توالي سنوات الجفاف واقتلاع الأشجار وندرة المياه.

كما أن هشاشة الساكنة القروية المحلية تدفع لاستغلال غير معقلن للموارد الطبيعية من أجل تلبية حاجياتها المتزايدة، وهو ما يضاعف بشدة المشاكل البيئية المطروحة. ف93 في المائة من المساحة الإجمالية للتراب الوطني ذات مناخ جاف يجعلها عرضة بمستويات متفاوتة للتصحر وتدهور الغطاء النباتي.

وبالتالي أصبحت قضايا مواجهة مشكل التصحر والتخفيف من آثار الجفاف وحماية الطبيعة ضمن أولويات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويتم التعامل معها وفق برامج متنوعة ومتكاملة. ويبرز في هذا السياق الحرص الشديد على حماية الموارد الطبيعية ومد شبكات المياه إلى العالم القروي ثم تعميم الشبكة الكهربائية وأنظمة الري وتدبير الأحواض المائية وإصلاح الاراضي الزراعية ومختلف المواقع ذات الأهمية الطبيعية والبيولوجية.

ووفقا للمندوبية السامية للمياه والغابات فإن المغرب كان من أول البلدان الموقعة على اتفاقية الأمم المتحدة لمحاربة التصحر في العام 1996، وانخرط منذ ثلاثة عقود في هذا المجال من خلال برامج ومخططات ضخمة.

فعلى سبيل المثال في المجال الغابوي تمت تهيئة قرابة أربعة ملايين هكتار من الغابات و2300 مليون هكتار من الأحراش، وتشجير 530 ألف هكتار ومحاربة زحف الرمال في قرابة 34 ألف هكتار وإحداث عشرة منتزهات بيئية طبيعية والعشرات من المحميات الطبيعية ومحميات الصيد.

وصرح عبد العظيم الحافي المندوب السامي للمياه والغابات ومحاربة التصحر لوكالة المغرب العربي للأنباء عقب مشاركته مؤخرا في اسطنبول في المؤتمر ال 12 لاتفاقية الامم المتحدة لمحاربة التصحر أنه لا توجد أجوبة فريدة على مشاكل متعددة ومتشابكة في مجال تراجع الأراضي الصالحة للزراعة وزحف التصحر بالنظر لكون كل منطقة أو بيئة جغرافية ذات مميزات خاصة.

وأكد أن المخطط الوطني لمحاربة التصحر يأخذ بعين الاعتبار مختلف خصوصيات كل منطقة بهدف مواجهة مشاكلها البيئة وهو ما مكن من عكس المعادلة مثلا بالنسبة للتشجير إذ استطاعت المملكة من الانتقال من عجز من ناقص 1 في المائة لغاية العام 2000 الى أكثر من زائد 2 في المائة حاليا.

وأضاف أنه بفضل هذا المخطط تمكن المغرب من غرس 18 ألف و500 هكتار من الغابات بين 2005 و2014 وهي نتيجة يتعين تعزيزها والمضي فيها.

كما أن الامر يتعلق بتحديد وتنفيذ حلول مستدامة لتدبير فعال للأراضي تمكن من تفادي الأزمات الايكولوجية وتحسين وسائل عيش السكان الأكثر هشاشة.

ووفقا لاتفاقية الامم المتحدة لمحاربة التصحر فإن المساهمات التي أعلنت عنها الدول الأعضاء للتقليص من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بحلول 2030 غير كافية وستحصر عل الارجح ارتفاع درجة حرارة الأرض في 3 درجة مائوية.

وسيكون مطلوبا القيام سنويا بتأهيل وإصلاح 12 مليون هكتار من الأراضي الصالحة للزراعة بحلول 2030 أي ما مجموعه 200 مليون هكتار وهو ما قد يمكن من امتصاص ما بين 30 و40 في المائة من غاز ثاني أكسيد الكربون وبالتالي الاقتراب من هدف حرارة الأرض من 2 درجة مائوية.

وإذا كان تراجع الغطاء النباتي والاراضي الصالحة للزراعة اصبح حقيقة يزيد في تفاقمها التغيرات المناخية فيتعين ايضا مكافحة ظاهرة التصحر واستعادة التوازن لمعادلة الانسان والطبيعة من أجل حماية كوكب الأرض.

المحيط الفلاحي :و.م.ع

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.