مجلة المحيط الفلاحي

الزراعة الإيكولوجية يمكن أن تساعد على تحسين إنتاج الغذاء في العالم

دعا المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) جوزيه غرازيانو دا سيلفا إلى تغيير جذري في النظم الغذائية لجعلها أكثر صحة واستدامة، مؤكداً أن الزراعة الإيكولوجية يمكن أن تسهم في إحداث هذا التحول. وجاءت هذه الدعوة خلال كلمة المدير العام الافتتاحية في الندوة الدولية الثانية حول الزراعة الإيكولوجية التي تعقد في روما هذا الأسبوع.

وقال غرازيانو دا سيلفا أن معظم إنتاج الغذاء كان يستند على النظم الزراعية الهادفة إلى زيادة الإنتاج والاستخدام الكثيف للموارد الطبيعية على حساب البيئة، والنتيجة هي استمرار تدهور التربة والغابات والمياه وجودة الهواء والتنوع الحيوي. ورغم ذلك فإن التركيز على زيادة الإنتاج بأي ثمن لم يكن كافياً للقضاء على الجوع “كما أننا نشهد انتشاراً عالمياً للبدانة”.

وأضاف: “يجب علينا أن نشجع التغير الجذري في طريقة إنتاج واستهلاك الغذاء، وعلينا أن نطرح نظماً غذائية مستدامة توفر الغذاء الصحي والمغذي وأيضاً تحمي البيئية. ويمكن للزراعة الإيكولوجية أن تقدم العديد من المساهمات لعملية التحول في أنظمتنا الغذائية”.

ومن خلال الجمع بين المعرفة التقليدية والعلمية، فإن الزراعة الإيكولوجية تطبق مقاربات بيئية واجتماعية للنظم الزراعية وتركز على التفاعلات الغنية بين النباتات والحيوانات والبشر والبيئة.

ودعا المدير العام للفاو صانعي السياسات الوطنية إلى تقديم دعم أكبر للزراعة الإيكولوجية، مؤكداً أن “دور الحكومات مهم للغاية في وضع سياسات محددة، وكذلك بناء وتقوية البيئة المناسبة للزراعة الإيكولوجية”.

وبدوره قال جيلبرت هينغبو رئيس الصندوق الدولي للتنمية الزراعية (إيفاد): “إن تحويل الأنظمة الغذائية لتكون مستدامة يعني إحداث تغييرات اقتصادية واجتماعية وثقافية. ولهذا فإن المشاريع التي تدعمها إيفاد تتبع نهجاً شاملاً، حيث تعزز الاستثمار بالسياسات والمعارف والنشاطات التدريبية. فالإنتاج المتنوع يجب أن يتناغم مع الأنظمة الغذائية المتنوعة ويكون مقبولاً من المستهلكين الواعين بأمور التغذية والمناخ”.

وفي كلمة رئيسية له في الندوة حث ستيفان لو فول وزير الزراعة الفرنسي السابق على الحوار والعمل لخلق “ثورة خضراء مضاعفة” جديدة في الإنتاج الزراعي استناداً إلى الطبيعة والمعارف المحلية والعلوم. وقال: “نحن نعيش مرحلة تحول في تاريخ البشرية، وعلينا القيام بخيارات كبرى أساسية من أجل مستقبلنا الجماعي”.

حوار عالمي

وتجمع الندوة التي تستمر ثلاثة أيام نحو 400 من صناع القرار وممارسي الزراعة الإيكولوجية والأكاديميين وممثلين عن الحكومات والمجتمع المدني والقطاع الخاص ومنظمات الأمم المتحدة لمناقشة السياسات والإجراءات اللازمة لدعم التوسع في الزراعة الإيكولوجية.

وستركز الندوة على تحديد الاحتياجات والتحديات والفرص لتعزيز سياسات وممارسات واستثمارات الزراعة الإيكولوجية.

وفي اليوم الأخير للندوة سيتم إطلاق مبادرة التوسيع التي تهدف إلى التشجيع على تبني سياسات شاملة أكثر للتحول إلى الزراعة الإيكولوجية من خلال الأدوات والمعرفة والسياسات اللازمة لتحويل النظم الغذائية والزراعية.

طريق إلى التنمية المستدامة

واحد من الأمثلة لتطبيق الزراعة الإيكولوجية هو نظام زراعي بيئي ذكي طوره المزارعون الصينيون حيث قاموا بإطعام أوراق أشجار التوت لدود الحرير واستخدام مخلفات هذا الدود لإطعام الأسماك. كما قاموا باستخدام الترسبات العضوية في بركة الأسماك كسماد لأشجار التوت، لتكتمل بذلك دائرة إنتاج مفيدة. ولقرون من الزمن دعم هذا النظام أعمال تجارية إضافية مثل صناعة الحرير.

بإمكان الزراعة الإيكولوجية حماية الموارد الطبيعية والتنوع البيئي وتشجيع التكيّف مع تأثيرات التغير المناخي وتخفيف وطأتها. كما يمكنها أن تحسّن صمود الأسر الزراعية خاصة في الدول النامية التي يتركز فيها الجوع. كما يمكن لهذه الزراعة أن تسهم في إنتاج واستهلاك الغذاء الصحي والمغذي، ودعم الاقتصادات والأسواق المحلية. ويمكن لجميع هذه الفوائد أن تجعل من الزراعة الإيكولوجية وسيلة مهمة لتحقيق أهداف أجندة 2030 ومعالجة التحديات المتداخلة.

المعرفة والابتكار لإحداث التغيير

يُعدَ الاستثمار في المعرفة والابتكار عاملاً مهماً للغاية في الاستفادة الكاملة من الزراعة الإيكولوجية. ويقام على هامش الندوة معرض يسلط الضوء على الابتكارات في الزراعة الإيكولوجية من مختلف أنحاء العالم. ويعرض فريق من العلماء الاسبان مشروع CONECT-e وهو منصة الكترونية مصممة خصيصاً للمزارعين وغيرهم لتسجيل وتشارك المعرفة الإيكولوجية التقليدية مع العلماء.

كما يبرز في المعرض مشروع يقوده المزارعون في غانا بدعم من “أكشن إيد”(ActionAid) يساعد النساء على الحصول على خدمات الإرشاد الزراعي بتركيز على تشجيع الزراعة الإيكولوجية. ونتج عن المشروع زيادة في الإنتاج الزراعي للمزارعات صاحبات الحيازات الصغيرة من خلال الزراعة الإيكولوجية باعتماد أقل على المدخلات الخارجية مثل مبيدات الأعشاب.

بناء الزخم

عقدت الندوة الدولية الأولى حول الزراعة الإيكولوجية في مقر الفاو في 2014، ومنذ ذلك الحين تم عقد اجتماعات إقليمية في أمريكا اللاتينية  أمريكا اللاتينية ودول أفريقيا جنوب الصحراء، وأوروبا، وأسيا الوسطى وأسيا والمحيط الهادئ. وخلال السنوات الأربع الأخيرة شارك أكثر من 1,400 شخص من 170 بلداً في الجهود الدولية لمناقشة أهمية وإمكانات الزراعة الإيكولوجية وتسليط الضوء عليها.

  • المحيط الفلاحي : الفاو 
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.