موقع ووردبريس عربي آخر

الدورة العاشرة لمناظرة الفلاحة : حصيلة الموائد المستديرة

أفريقيا تتوفر على المؤهلات لتجعل من شبابها محرك التنمية الفلاحية…

 

كل عام يصل 10 مليون إفريقي إلى سوق العمل، حيث يمثل القطاع الفلاحي حصة 70 في المائة العرض الإفريقي للشغل. انطلاقا من هذا الواقع، شكلت وضعية الشباب القروي في إفريقيا الموضوع المركزي للدورة العاشرة للمناظرة الوطنية للفلاحة التي انعقدت، الاثنين 23 أبريل، بمكناس. وفي هذا الإطار نظمت مائدتين مستديرتين حول مستقبل القطاع الفلاحي، ضمنها مائدة مستديرة على المستوى الوزاري، والتي أكدت على الخصوص على ضرورة وضع “ميثاق فلاحي جديد” من أجل معالجة إشكالية البطالة في القارة الإفريقية.

وفي هذا الإطار قال السيد عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، “باعتبارها مصدرا لنحو 38 في المائة من فرص العمل التي تخلق سنويا في المغرب فإن الفلاحة تساهم بقدر كبير في استقرار الساكنة القروية البالغ عددها 13.3 مليون نسمة، والتي تتكون بنسبة الربع من الشباب”. وأضاف السيد عزيز أخنوش في سياق حديثه خلال المائدة المستديرة أن “القطاع الزراعي أحدث أزيد من 250 ألف فرصة عمل مند انطلاق مخطط المغرب الأخضر في 2008 ، وساهم بنصف عدد فرص العمل المحدثة بين 2016 و2017. وذلك في الوقت الذي ارتفع فيه الناتج الخام الداخلي الفلاحي ليبلغ مستوى125 مليار درهم، مسجلا نموا متوسطا بمعدل 7.3 في المائة خلال العشر سنوات الأخيرة، وهو معدل أعلى من متوسط نمو الاقتصاد الوطني”.

وشدد المشاركون في المائدة المستديرة الوزارية على أن تنمية القطاع الفلاحي في إفريقيا يتطلب انخراط الشباب وتحفيزهم على ممارسة الفلاحة والأعمال صناعية والتجارية والخدماتية المرتبطة بالقطاع الفلاحي. وفي هذا الصدد أكد السيد مامادو سانغافوا كوليبالي، وزيرالفلاحة والتنمية فيكوت ديفوار، أن تحفيز الشباب على الانخراط في القطاع الفلاحي يفترض إقناعهم بأن الاستثمار في هذا القطاع مجدي ومربح بالنسبة لهم، مشددا على ضرورة إعادة النظر في الفلاحة من خلال عصرنتها وتثمين منتجاتها لتمكين الشباب من جني قيمة مضافة أعلى ومن تعزيزقدراتهم.

وللإشارة، فإن الشباب يشكلون غالبية سكان إفريقيا، غير أن هذه الشريحة من السكان تعاني أكثر من غيرها من البطالة، إذ تصل نسبة البطالة بين الشباب الإفريقي حوالي 60 في المائة. وفي هذا السياق شددت السيدةجوزيفا ليونيل كورييا ساكو، مفوضة الاقتصاد القروي الفلاحي في مفوضية الاتحاد الأفريقي، على أهمية إدماج الشباب القروي في التنمية الزراعية، معتبرة أن “القارة الإفريقية تتوفر على كل الإمكانيات والوسائل الكفيلة بإحداث تحول نوعي في المجال الزراعي في اتجاه إدماج أكبر للشباب في التنمية القروية”. وقالت السيدة ساكو إن على الدول الإفريقية أن تعمل لخلق شروط هذا الاندماج من خلال مخططات وطنية موجهة للاستثمار الزراعي، مع إيجاد آليات تحفيزية وتسهيلات خاصة من أجل إشراك الشباب وتوجيههم للانخراط في المشاريع الزراعية ومقاولات الصناعات الفلاحية.

وزير الفلاحة الفرنسي

من جانبه أبرز السيد ستيفا نترافيرت، وزير الفلاحة الفرنسي، أهمية التحديات التي تطرحها إشكالية تشغيل الشباب القروي، مشيرا إلى أن “الدعامة الأساسية للميثاق الفلاحي الجديد من أجل إدماج الشباب يجب أن ترتكز على التكوين الزراعي والقروي”. وأشار ترافيرت في هذا الصدد إلى استقبال الضيعات الفرنسية لنحو 7000 شاب مغربي من أجل التكوين والتدريب، في إطار التعاون التقني بين البلدين. وشدد الوزير الفرنسي على ضرورة أن أخذ رهانات الاستدامة والتنافسية والسلامة الصحية بعين الاعتبار في تكوين الشباب، إضافة إلى ضرورة دعم جيل جديد من القرويين المقاولين لتولي مراكز القرار في الضيعات الفلاحي.

السيدة إيزابيل غارسيا تيخرينا، وزيرة الاسبانية للفلاحة والصيد البحري والتغذية والبيئة

أما السيدة إيزابيل غارسيا تيخرينا، الوزيرة الاسبانية للفلاحة والصيد البحري والتغذية والبيئة، فثمنت في تدخلها جودة العلاقات المغربية الإسبانية في المجال الفلاحي، وجودة التعاون القائم بين البلدين في هذا المجال. وأضافت أن تحقيق التنمية المنشودة للفلاحة وتمكينها من لعب أدوارها كصمام أمام للأمن الغذائي ومصدر لرفاهية السكان القرويين، يتطلب توثيق التنسيق والتعاون الدولي، مشيرة على الخصوص إلى الإمكانيات الهائلة في هذا المجال للتعاون الثلاثي بين المغرب وإسبانيا والبلدان الإفريقية. 

اتقان التكنولوجيات الجديدة أمر ضروري لضمان القدرة التنافسية للمزارعين الشباب…

تألقت مجموعة النفع الاقتصادي أجيدا لشباب مدينة الداخلة خلال ورشة “الابتكار من أجل الشباب: حلول مستدامة للفلاحة” التي نظمت على هامش المناظرة الوطنية للفلاحة العاشرة بمكناس، والتي قدمت خلالها تجارب ونماذج عالمية لإدماج الشباب القروي في التنمية.

هدى بولحيت …مقاولة فلاحية شابة 

وقالت هدى بولحيت، إحدى الشابات المساهمات في المشروع، إن مجموعة أجيدا رأت النور في إطار مخطط المغرب الأخضر. وأوضحت أن الوكالة الوطنية للتنمية الفلاحية طرحت برنامجا لوضع أراضي الدولة رهن إشارة المقاولين الشباب الراغبين في إطلاق مشاريع وراعية في جهة الداخلة وادي الذهب. وفي هذا الإطار تم انتقاء 27 شابا ضمنهم 7 شابات للاستفادة من المشروع. وبعد دراسة المشروع قرر الشباب المستفيدون التكتل في إطار مجموعة ذات نفع اقتصادي، الشيء الذي مكنهم من تضافر الجهود من أجل تطوير مشروع مشترك بمعايير عالية. وأضافت بدأنا بغرس 28 هكتار، نصفها بالبطيخ والنصف الثاني بالطماطم، كما تعاقدت أجيدا مع مقاولة وطنية متخصص في مجال التسويق في انتظار اكتساب أعضائها خبرة في هذا المجال.

وتحدث عصمان باديان، مدير إفريقيا بالمعهد الدولي لبحوث السياسات الغذائية، عن متطلبات التنافسية في مجال التجارة الفلاحية للقرن الواحد والعشرين، مشيرا إلى أن أبرز مرتكزاتها هي الكفاءات والتكنولوجيا، مشيرا إلى أن الشباب يعتبر فرصة كبيرة نظرا لقابليته الكبيرة للتكوين وتطوير الكافاءات وتملك التكنولوجيا. غير أنه أشار إلى ضرورة إيجاد برامج وبنيات خاصة لتدريب وتكوين الفلاحين، مشيرا إلى أنه لا يمكن الاعتماد على المسارات الدراسية العادية وانتظار تخرج الشباب من أجل الانخراط في تطوير القطاع الفلاحي.

من جانبه استعرض سيمون وينتر، المدير التنفيذي لمؤسسة سينجنتا للفلاحة المستدامة في بازل، تجربة مؤسسة سينجينتا في مجال مساعدة الفلاحين الصغار في أسيا، عبر تكوين شبكة من المقاولين الشباب المكلفين بالتأطير الفلاحي والدعم اللوجستيكي لصغار الفلاحي. وقال إن المؤسسة تسعى لنقل هذا التجربة إلى إفريقيا، مشيرا إلى أن التمويلات اللازمة لإطلاقها متوفرة.

وقدم وينتر تجربة المؤسسة في الهند حيث تم انتقاء 500 شاب وتدريبهم ليصبحوا مقاولين زراعيين يشتغلون مع 250 ألف ضيعة. وأضاف إن هذا المشروع ضاعف الدخل السنوي للشباب من 700 إلى 7000دولار في السنة، ومكن من مضاعفة دخل الضيعات المستفيدة ثلاث مرات.

وقال “في إفريقيا لدينا 100 مليون مزارع صغير، وسنحتاج إلى 250 ألف مقاول لمساعدتهم وتأطيرهم”. وأوضح أن المشروع سيعتمد على الشراكة بين فرص القطاع العام والقطاع الخاص، إضافة إلى التعاقد مع شبكة من البنوك من أجل ضمان تمويل المشاريع.

أما مامادو بيتيفي، مدير المكتب الإقليمي لأفريقيا التابع لمؤسسة روكفلر في نيروبي، فقدم برنامج المؤسسة لإفريقيا في مجال تقليص هدر المحاصيل، والذي أطلقته قبل ثلاث سنوات. وأشار أن 30 في المائة من المحاصيل الزراعية تضيع عند الحصاد، مشيرا إلى أن هدف البرنامج هو دراسة أباب هذه الخسائر ووضع حلول لها من خلال الاستثمار في الجوانب اللوجستيكية والتسويقية، وأيضا عبر التكوين والتدريب. وأوضح بيتيفي أن هذا المشروع سيوفر فرص عمل جديدة لآلاف الشباب، كما سيمكن العديد منهم من إطلاق مشاريع خدماتية في إطار الحلول المقترحة.

وطرح الأستاذ زكرياء القادري، الباحث في جامعة الحسن الثاني، العديد من الإشكاليات التي تواجهها السياسات والبرامج التنموية الموجهة للشباب في العالم القروي. وأشار إلى أن الشباب ليس كتلة منسجمة، داعيا إلى التوقف عن النظر إلى الشباب كشريحة عمرية وفق تصنيف إحصائي. وقال إن الشباب متنوع ويجب التعامل معه انطلاقا من هذا التنوع.

كما انتقد الحديث عن الشباب القروي وإنما عن الشباب في البادية، وقال إن التنميط الاجتماعي وولوج وسائل الاتصالات والتلفزيون غير نمط حياة الشباب في الوسط القروي. وأشار إلى تغير نمط اللباس وأنماط الاستهلاك والتفكير، الشيء الذي قلص الفوارق بين الشباب الحضري والقروي.

كما أشار القادري إلى ظاهرة عودة الشباب المثقف والمتكون إلى البادية، والتي يجب أخذها أيضا بعين الاعتبار.

وأوضح أن شباب العالم القروي لا يشتغل حصريا بالزراعة، بل العديد منهم يمارس العديد من المهن كالنقل والبناء والأشغال إلى جانب التجارة, وتحدث القادري عن المهن الجديدة التي ظهرت في البادية المغربية، خاصة المرتبطة بالبرنامج الوطني لتعميم الري، حيث ظهر مقاولون شباب متخصصون في هذا المجال، وأيضا الخدمات المرتبطة بالأسمدة ومدخلات الإنتاج.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.