موقع ووردبريس عربي آخر

التغير المناخي ..أكبر تحدّ للبشرية في القرن الواحد والعشرين

أصبح العالم اليوم يعيش على وقع الفيضانات والجفاف والحرائق والأعاصير والزوابع … وهي كوارث طبيعية مدمرة، شكلت النتيجة المباشرة والحتمية للتغيرات المناخية، التي تظهر بوصفها التحدي الأكبر للبشرية في القرن الحادي والعشرين

وتعرض هذه الظواهر المناخية الكبيرة المصحوبة بخلخلة النظم الإيكولوجية واستنزاف الموارد الطبيعية، مستقبل البشرية للمخاطر وتهدد بشكل جدي بقاء واستقرار أكثر المناطق هشاشة.

ويتعلق الأمر بالبلدان الجزرية والإفريقية التي تعد الأكثر عرضة للآثار المدمرة للتغيرات المناخية، على الرغم من أن مساهمتها في الانبعاثات العالمية للغازات الدفيئة يعتبر ضعيفا.

ومن المتوقع أن يتطرق مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ، الذي سيعقد اليوم الاثنين ببون الألمانية، تحت رئاسة دولة فيجي الجزرية، الى قضية قدرة ومقاومة البلدان الأكثر هشاشة للتغيرات المناخية. وسيمكن هذا الحدث العالمي من الاطلاع على الدينامية التي أطلقها المغرب، الذي أبان، طوال فترة رئاسته لمؤتمر كوب 22، عن ريادة متميزة وانخراطه اللامشروط لفائدة أفريقيا قوية وطموحة، قادرة على مواجهة التحديات المناخية والالتزام بالسير نحو التنمية المستدامة.

وتحقيقا لهذه الغاية، مافتئ المغرب يعمل على التفكير في إيجاد حلول مبتكرة لتعزيز تكيف البلدان الإفريقية مع التغيرات المناخية، وتعبئة الموارد المالية العمومية والخاصة، وتشجيع إحداث مشاريع هيكلية ومشاريع كبيرة للبنيات التحتية المستدامة في أفريقيا.

وانطلاقا من الرغبة الراسخة في مواصلة الجهود التي بذلتها منذ سنوات للمساهمة في تقدم وازدهار أفريقيا، لم تدخر المملكة أي جهد للدفاع عن قضية هذه القارة في مختلف المنابر والتظاهرت العالمية في انسجام تام مع السياسة الأفريقية التي أرسى دعائمها صاحب الجلالة الملك محمد السادس.

وشكل مؤتمر الأطراف الثاني والعشرين حول المناخ (كوب 22) في مراكش نقطة تحول في عمل المغرب، من خلال جعل أفريقيا تحظى بالاهتمام اللازم ووضع انشغالات القارة في مقدمة جدول أعمال المناخ العالمي.

وكان هذا التوجه الإفريقي للمغرب واضحا جدا خلال مؤتمر العمل الإفريقي الذي نظم على هامش مؤتمر (كوب 22) في مراكش والذي حضره رؤساء دول وحكومات ووفود 50 دولة أفريقية اجتمعوا للدفاع عن مطالب القارة، ولا سيما في ما يتعلق بتمويل المناخ ونقل التكنولوجيا.

واعتمد مؤتمر القمة إعلانا مشتركا دعا من خلاله رؤساء الدول والحكومات الأفارقة الشركاء الاستراتيجيين لإفريقيا، خاصة ، إلى تعزيز التعاون “في اتجاه الطموح الافريقي للتنمية المستدامة والمندمجة”.

وفي خطابه أمام هذا المؤتمر ، اقترح صاحب الجلالة الملك محمد السادس رسم معالم أفريقيا القادرة على الصمود أمام التغييرات والتي “ستستخدم مواردها بطريقة مثلى، وتحترم التوازن البيئي والاجتماعي، وهي أفريقيا التي ستعمل من أجل تنمية مندمجة بشكل يتوافق مع ما يشكل هويتها: ثقافة التقاسم والإنصاف والتضامن”.

وحذر جلالته أيضا من أن التقلبات المناخية على المستوى العالمي “تمثل عقبة أمام التنمية بأفريقيا، وتهـدد بشكل كبير الحقوق الأساسية لعشرات الملايين من الافارقة”.

ولحماية أفريقيا من هذه الأخطار التي تهددها، تمت الدعوة خلال هذا المؤتمر إلى تمكين البلدان الهشة والفقيرة من دعم مالي وتقني عاجل يمكنها من تعزيز قدراتها والتكيف مع التغيرات المناخية. وبالإضافة إلى ذلك، تم بهذه المناسبة اطلاق عدة مبادرات لتعزيز التنمية المستدامة بالقارة مع التركيز على الطاقات المتجددة والفلاحة والتكيف، وتطوير النماذج الحضرية المقاومة. ويتعلق الأمر بالأساس بالصندوق الأزرق الخاص بحوض الكونغو، وإعادة تأهيل حوض تشاد، ومشروع “السور الأخضر الكبير للصحراء والساحل”، وصندوق الاستثمار الأخضر الخاص بالقارة الأفريقية.

كما كان الأمن الغذائي، الذي يشكل تحديا كبيرا للقارة الأفريقية، في صلب النقاشات خلال هذه المؤتمر الذي شكل مناسبة لتعزيز مبادرة تكيف الفلاحة الأفريقية مع التغيرات المناخية.

وتهدف هذه المبادرة، التي أطلقها المغرب في أبريل الماضي، إلى التقليص من هشاشة الفلاحة الأفريقية أمام التغيرات المناخية . وتقترح العمل على جانبين يرتبطان بالمفاوضات لوضع تكيف الفلاحة الأفريقية في صلب رهانات مؤتمرات الأطراف حول المناخ، وبالحلول لتعزيز وتثمين تنفيذ مشاريع ملموسة ومبتكرة في مجال تدبير الأراضي والتحكم في الموارد المائية الفلاحية وتدبير المخاطر المناخية، وتعزيز القدرات، بالإضافة إلى حلول ترتبط بالتمويل.

وتعزز التوجه الأفريقي للمملكة الذي مافتئ يتنامى بإعلان جلالة الملك إحداث وزارة منتدبة لدى وزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي مكلفة بالشؤون الأفريقية. ويشكل هذا القرار الذي أعلن عنه جلالة الملك في الخطاب السامي الذي ألقاه أمام مجلسي البرلمان بمناسبة ترؤس جلالته لافتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الثانية من الولاية التشريعية العاشرة، دليلا قاطعا على أن المغرب يضع ضمن انشغالاته تنمية القارة الأفريقية والدفاع عن مصالح شعوبها.

التعليقات مغلقة، ولكن تركبكس وبينغبكس مفتوحة.