مجلة المحيط الفلاحي

هكذا تساهم الفلاحة المستدامة في قاطرة التنمية المحلية بأحد دواوير جماعة حد البراشوة….

الجمع بين تنمية النشاط الاقتصادي بالعالم القروي  واتباع أسلوب حياة صحي يحترم البيئة، ذلك هو التحدي الذي رفعته ساكنة دوار يقع بالقرب من الجماعة القروية “حد براشوة” (إقليم الخميسات)، التي تبعد بحوالي خمسين كيلومترا إلى الجنوب الشرقي من مدينة الرباط. طموح جماعي حول القرية بالكامل خلال بضع سنوات.

يقع دوار المباركيين في وسط الطبيعة البكر بين الجبال، بالقرب من نهر “كريفلة” ، ويتمتع بكل المزايا التي تضمن حياة كريمة لسكانه، رغم مستوى الهشاشة السائد هناك ، حيث شكل  التعرف على مفهوم الفلاحة المستدامة اكتشافا منقذا لهذه القرية الصغيرة.

واليوم، يستمر النشاط، في هذا المجتمع  على مدار الساعة، حيث النساء منشغلات بإنتاج أنواع مختلفة من الكسكس، والفلاحون يزرعون الأرض، والفتيات يقمن بإطعام الدجاج والأبقار أو يعتنين بخلايا النحل، والأطفال يجوبون الحقول مطلقين صرخات مع السعادة. يظهر بشكل جلي أن الجميع يؤدون أدوارهم بشغف وتصميم.

في إشارة إلى بدايات هذه التجربة الرائدة في المغرب، وفي تصريح لمجلة “المحيط الفلاحي” يحكي رئيس جمعية الفلاح المعاصر وصاحب فكرة المشروع،  قائلا “قبل سنة 2013، كان الدوار يفتقر إلى الماء والكهرباء و لم يكن العمل منظما ومقيما، لكن بعد تنفيذ المشروع تغيرت الأمور كثير، وتجاوزت النتائج توقعاتنا بكثير”.

وأضاف  شعوبي “أصبحت النساء اليوم أكثر استقلالية، وارتفعت مداخيلهن، وأصبحت المنطقة مشهورة الآن بالسياحة التضامنية والمنتجات الإيكولوجية والعضوية، مضيفاً أن المشروع قد خلق فرصا للشغل لصالح الشباب، الذين تجنبوا مرارة الهجرة الجماعية التي من شأنها أن تعرضهم للانحراف أو لمشاكل الاندماج”.

وقد صاغ الأسترالي بيل موليسون، الذي ساهم في تأسيس مفهوم الفلاحة المستدامة، هذا المصطلح في السبعينيات بجمع  مصطلحي “دائم” و “الفلاحة” ، أي الرغبة في تبني “فلاحة دائمة”، حيث كتب في في أحد مؤلفاته، “الهدف هو تطوير أنماط حياة وتوظيفات لا تضر بالبيئة وتكون قابلة للتطبيق اقتصاديا، والتي تلبي الاحتياجات الخاصة، ولا تضر البشر أو الأحياء، ولا تلوث الأرض”.

بالنسبة للسيد شعوبي ، فإن “الفلاحة المستدامة هي مجرد عودة إلى الأصل، من خلال إنعاش الأساليب الفلاحية الفعالة التي استخدمها أسلافنا سابقا”. وهكذا فإن المشروع الذي تقوده (جمعية الفلاح المعاصر) من أجل إنشاء نظام إيكولوجي متكامل يصالح بين الإنسان والطبيعة،  يتمحور حول ركيزتين رئيسيتين تكمل كل منهما الأخرى: السياحة البيئية والمنتجات المحلية العضوية.

وشكل إنشاء تعاونية نسائية للمنتجات المحلية تتويجا لهذه التجربة، والتي تقدم بالفعل مجموعة غنية ومتنوعة من المنتجات ولاسيما كسكس العدس، الذي لا يزال الطبق التقليدي للمنطقة، التي تزخر كذلك بكسكس الشعير والذرة والقمح والخرطال وسميد الشعير (بلبولة) ، سميد القمح (بركوكش)، زميتة (خليط من الدقيق والأعشاب العطرية)، والخروب، والنبق، والزعتر، والحلبة، والبازلاء والبقوليات.

أما بخصوص السياحة البيئية، فإن زوار القرية الذين يتدفقون من مختلف بلدان العالم يقضون وفقا للسيد شعوبي”لحظات ثمينة من الحرية في الطبيعة”، ويجدون بيئة صديقة، وحياة بسيطة ومريحة، ويتمتعون بأطعمة عضوية صحية، كما أنهم يستمتعون بجولات للمشي على الأقدام في الجبال، بل ويمكنهم أيضا أن يستفيدوا من التكوين حول الفلاحة المستدامة.

وأوضح شعوبي أن “هذا المجال يدعم تسويق المنتج المحلي بطريقة غير مكلفة ، كما أنه يسهم في تعزيز صورة المنطقة على المستويين الوطني والدولي”. وبفضل العلاقات مع الجمعيات الأخرى ، استفاد سكان الدوار من التكوين في مجالات الفلاحة المستدامة والفلاحة العضوية والسياحة (النظافة، الاستقبال، الطبخ، …)، ولتوسيع نطاق هذه التجربة، أصبح شباب المنطقة لاحقا مدربين بدورهم في أجزاء أخرى من المملكة.

وهذا ليس كل شيء ، لأنه وبعد نجاح هذه التجربة الأولى ، يبدو أن هناك آفاقا أخرى تفتح أمام هذه الجمعية المبتكرة،حيث تم إنشاء تعاونيات أخرى مخصصة للصناعة التقليدية وصناعة الزرابي، وهناك فكرة من أجل إنشاء تعاونية مختصة في تربية الماعز والدواجن.

*وكالات …المحيط الفلاحي

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.